الرئيسيةمختاراتمقالاتالأحداث الحالية وترسيخ القدس عاصمة الدولة الفلسطينية! كتب د.عقل أبو قرع

الأحداث الحالية وترسيخ القدس عاصمة الدولة الفلسطينية! كتب د.عقل أبو قرع

ما جرى ويجري في القدس هذه الأيام، يبدو انه قد فاجأ الكثير من الأطراف ومن الجهات المعنية بالشأن الفلسطيني، سواء من قريب أو من بعيد أو سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن اهم هذه الأطراف، هو الجانب الإسرائيلي، الذي ومن خلال مجلس الوزراء بات يدرس وبجدية اتخاذ خطوات جماعية في القدس ومن ضمنها إغلاق مناطق وأحياء، وتقييد حركة وحرية اكثر من 350 ألفاً من الفلسطينيين المقدسيين، أسوة بما يفعل في الضفة، وهؤلاء الفلسطينيون عاشوا ويعيشون في القدس، الذي يعتبرها الجانب الإسرائيلي العاصمة الأبدية له؟
وما يجري في القدس فاجأ كذلك أطرافا دولية مختلفة، سواء في أوروبا أو في الولايات المتحدة، أو حتى يبدو انه قد فاجأ أطرافاً عربية وحتى أطرافاً محلية، لأن الانطباع الذي ساد في السابق، ان حزمة التسهيلات أو الفوائد التي يحصل عليها المقدسيون، مثل التأمين الوطني والصحي وحرية الحركة وما الى ذلك، هي كفيلة بالحد من تطلعات أو آمال أو انتماء المقدسيين الى الجسد الفلسطيني الأكبر، والاهم ان هذه الفوائد ربما تحد من المخاطرة من قبل المقدسيين، في الدفاع عن المسجد الأقصى وبالتالي إفشال خطط تقسيمه زمانيا ومكانيا؟
والأحداث الحالية أثبتت ان القدس الفلسطينية، هي وحدة واحدة، سواء داخل البلدة القديمة أو خارجها، وسواء في أطرافها أو ضواحيها باتجاه رام الله أو باتجاه بيت لحم أو باتجاه الشرق وأريحا، وبالتالي فأن ما تم الحديث عنه في فترات سابقة، حول محاولات إعادة تعريف القدس كعاصمة للدولة الفلسطينية، بحيث تكون من أطرافها أو على أطرافها، أو من ضواحيها، سواء في أبو ديس أو بيت حنينا أو في غيرهما، لن تجدي نفعا في إعادة تعريف القدس، في عقول وثقافة وتطلعات الملايين من الفلسطينيين، ومئات الملايين من العرب ومن غير العرب، سواء أكانوا مسلمين أو مسيحيين.
والقدس، ورغم التغيرات الهائلة التي حدثت فيها وعليها خلال السنوات أو عشرات السنوات الماضية، تبقى راسخة في الأذهان من خلال صورتها القديمة، التي من الصعب التشويش عليها، سواء أكانت تتعلق بأماكن العبادة، أو المحلات التجارية، أو المراكز الثقافية، أو الأزقة، أو الشوارع والمعالم، أو حتى الضواحي، ورغم هذه التغيرات الهائلة والمقصودة من اجل تغيير القدس، ورغم الحملات الإعلامية والثقافية، ورغم الأبعاد الاقتصادية لهذه التغيرات، تبقى القدس بصورتها القديمة، سواء في باب الواد، أو واد الجوز، أو المصرارة، أو الأقصى ومحيطه من كل الجهات، تبقى ورغم سنوات الإغلاق والحواجز، تبقى هي القدس التي يذكرها كل فلسطيني حين يسمع بالقدس، وبالأخص هذه الأيام حين الحديث عن القدس في السياسة وتشعباتها.
ورغم كل الحملات الإعلامية الإسرائيلية في الداخل والخارج، من اجل ترسيخ أو تثبيت القدس، ومن ضمنها القدس العربية كعاصمة لإسرائيل، الا أن ذلك لم ينجح، في العالم، والاهم لم ينجح في فك أو حتى في إضعاف روابط الفلسطينيين وغيرهم بالقدس، كما عرفوها ويعرفونها، وان لم يعرفوها عن كثب أو من خلال الوصول اليها، وللتأكد من ذلك، ورغم كل المنع والقيود والحواجز، وتحديد الأعمار والأجناس، يمكن لأي مراقب خارجي أو داخلي، ملاحظة تدفق الآلاف أو عشرات الآلاف من الناس حين يتم السماح لهم، في أيام الجمع من رمضان، ومن كل الاتجاهات المحيطة بالقدس، وان هذا الواقع هو الإجابة الحقيقية والعملية على محاولات فرض الوصاية على «جبل البيت»، أو محاولات تقسيم الأقصى؟
ومعروف أن هناك محاولات أو ضغوطا، لإعادة تعريف القدس جغرافيا أو مكانيا أو سياسيا، ومعروف أن هناك مناورات في السياسة وما يتبعها من ضغوط، لبث مصطلح عاصمة دولة في القدس، وليس العاصمة القدس، أي القدس حسب القانون الدولي، وحسب التعريف التاريخي، وربما ينتج عن كل ذلك حل ما بالنسبة للقدس، ولكن القدس الحالية، للدولة الفلسطينية القادمة، ليست فقط الرابط الديني، بل الثقافي والحضاري، والاقتصادي، والسياحة، والبعد الجغرافي والتواصل بين الناس وروابطهم الاجتماعية، وبالتالي كيف يمكن تصور دولة فلسطينية بدون القدس الحالية كعاصمة لها؟
وبدون جدال، أثبتت الأحداث الحالية ان الجسد الفلسطيني، وبالأخص عند الجيل الجديد، اي الجيل الشاب، الذي يشكل اكثر من 50% من المجتمع الفلسطيني، ما زال جسدا متكاملا ومتعاضدا وينتفض أو يتفاعل معا، وبأنه لا يمكن فصل الضفة عن غزة أو فصل الداخل عن القدس أو القدس عن غيرها من المدن الفلسطينية، والاهم أثبتت الأحداث الحالية ان القدس، بما تحوية من تاريخ ومن تواصل فلسطيني، وبما تحوية من اكثر من 370 ألف فلسطيني، وغالبيتهم من الشباب، أن القدس ومنذ الآن لا يمكن إهمالها أو التغاضي عنها في اي مفاوضات أو اتفاقيات قادمة، وبأنها سوف تكون الأولوية لأي جهة فلسطينية تفاوض في المستقبل القريب أو البعيد، وبانها قد ترسخت ومن خلال الأيام القليلة الماضية، كعاصمة للدولة الفلسطينية القادمة، التي لا يمكن لأي طرف وبالأخص الجانب الإسرائيلي أن يطعن بذلك أو أن يدعي عكس ذلك!

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا