فيما واصلت إسرائيل الرسميّة المُحافظة على صمت أهل الكهف في قضية اغتيال القائد العّام لقوّات حزب الله العسكريّة، بدر الدين مصطفى، تولّى الإعلام العبريّ، على مختلف مشاربه، الردّ على حزب الله، فيما يتعلّق بظروف مقتل بدر الدين.
علاوة على ذلك، كان بارزًا جدًا أنّ الدولة العبريّة مستاءة جدًا من بيان حزب الله، الذي لم يُوجّه أصابع الاتهام إليها وحملّها مسؤولية العملية، وبالتالي، كان الهدف الرئيسيّ لماكينة الإعلام الإسرائيليّة، التي تخوض حربًا نفسيّةً قذرةً ضدّ حزب الله، الذي يقُضّ مضاجع الإسرائيليين، قيادةً وشعبًا، كان الهدف الرئيسيّ والمفصليّ، دحض أقوال حزب الله عن ظروف شهادة بدر الدين، وتوجيه الأسئلة الـ”صعبة” التي تصُبّ في خانة تكذيب حزب الله.
فعلى سبيل الذكر لا الحصر، رأى مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة يديعوت أحرونوت، أليكس فيشمان، الابن المُدلل لجهاز الموساد (الاستخبارات الخارجيّة)، رأى أنّ رواية حزب الله بأنّ مصطفى بدر الدين تعرّض لقصفٍ صاروخيٍّ أدّى إلى مقتله، عاريةً عن الصحّة، وقال في هذا السياق، إنّه من غير المعقول أنْ يُقتل بدر الدين لوحده، فيما لم يقُم حزب الله بالإفصاح عن الجرحى الذين أًصيبوا في القصف الصاروخيّ، الأمر الذي يُضعف رواية حزب الله حتى الكذب، بحسب تعبيره.
وتابع قائلاً، نقلاً عن مصادر أمنيّة رفيعة المُستوى في تل أبيب، إنّ رواية حزب الله تُثير الشكوك كثيرًا، ذلك، لأنّه بحسب المصادر عينها، فإنّ الجماعات المُسلحّة التي تُعارض حزب الله في سوريّة، لا تمتلك هذا النوع من الصواريخ الذكيّة، التي تُصيب الهدف بشكلٍ دقيقٍ، ولا تُوقع إصابات أخرى في صفوف المُحيطين بالهدف الرئيسيّ للصاروخ.
علاوة على ذلك، أشار المُحلل الإسرائيليّ، إلى أنّ رواية حزب الله كاذبة، لأنّه لو فعلاً قام أحد التنظيمات بتنفيذ عملية اغتيال الشهيد بدر الدين، لكان سارع بتحمّل المسؤوليّة عن العملية فورًا لأنّ اغتيال شخصيّة أمنيّة رفيعة المُستوى من حزب الله، يُعتبر بالنسبة لها إنجازًا كبيرًا، على حدّ تعبيره.
التشكيك في رواية حزب الله، رافقه بطبيعة الحال، التأكيد على أنّ إسرائيل تملك حسابات مفتوحة مع الشهيد بدر الدين، الذي كان مسؤولاً عن عمليات الخارج في حزب الله، قبل تولّيه منصبه الأخير، وقام بتنفيذ عمليات ضدّ أهدافٍ إسرائيليّةٍ وأهدافٍ يهوديّةٍ في مناطق معينّة من العالم. بالإضافة إلى ذلك، شككّ الإعلام العبريّ في النفي الأمريكيّ لتورّط واشنطن في عملية الاغتيال، وقال إنّ إعلان البيت الأبيض بأنّ طائرات التحالف الدوليّ لم تكُن في المكان عند وقوع العملية ليس صحيحًا، وتوقّع أنّه في يومٍ من الأيّام، ستقوم الولايات المتحدّة الأمريكيّة بالكشف عن ملابسات عملية الاغتيال، التي بحسب المصادر الإسرائيليّة، وقعت في الليلة الواقعة بين يومي الثلاثاء والأربعاء من الأسبوع الماضي، وليس بين ليلة الخميس والجمعة من نهاية الأسبوع. ولفتت المصادر إلى أنّ سيّد المُقاومة، الشيخ حسن نصر الله، الذي ذرف الدموع خلال خطابه الأخير يوم الخميس الماضي كان بسبب علمه بأنّ بدر الدين قد استشهد، علمًا، أضافت المصادر الإسرائيليّة الرفيعة، بأنّ نصر الله معروف برباطه جأشه، على حدّ تعبيره.
ويُمكن القول، لا الجزم طبعًا، بأنّ صراخ الإعلام العبريّ، المسنود من قبل صنّاع القرار في تل أبيب، هو على قدّ الوجع. وبحسب المصادر عينها فإنّ تصفية بدر الدين، علاوة على كونها ضربةً معنويّة جسيمةً لحزب الله، فإنّها أيضًا ضربةً إستراتيجيّة قاصمةً للمثلث السوريّ والإيرانيّ وحزب الله.
وزعمت المصادر في تل أبيب أيضًا أنّه في الفترة الأخيرة اندلعت خلافات شديدة داخل حزب الله بين مؤيّدي الشهيد بدر الدين وبين معارضيه، وبالتالي لا يُمكن استبعاد النظرية القائلة بأن حزب الله قرر التخلص منه منعًا لتفاقم الخلافات الداخليّة في الحزب.
وزعمت المصادر الإسرائيليّة أيضًا أنّ الشهيد بدر الدين نجا بأعجوبةٍ من الاغتيال عندما قامت إسرائيل، بحسب المصادر الأجنبيّة، باغتيال الشهيد جهاد عماد مغنيّة في الجولان العربيّ السوريّ، زاعمةً أنّه في اللحظة الأخيرة قرر مصطفى بدر الدين، عمد الانضمام للجولة التي قام بها مغنية مع عددٍ من الجنرالات الإيرانيين. وتطرّق الإعلام العبريّ في تقاريره، التي احتلّت العناوين الرئيسيّة اليوم الأحد، إلى شخصية الشهيد بدر الدين، وقالت إنّه كان يحمل عدّة أجهزة هاتف خلويّة في آنٍ واحدٍ، وذلك لكي يقوم بالردّ على عشيقاته الكثيرات، علمًا أنّه كان يُحّب النساء، على حدّ قول المصادر الأمنيّة الإسرائيليّة الرفيعة.
وبحسب المُحلل فيشمان من صحيفة (يديعوت أحرونوت)، فإنّ الجميع أرادوا تصفية بدر الدين، وفي مُقدّمتهم المملكة العربيّة السعوديّة، خصوصًا وأنّ المحكمة الدوليّة في لاهاي أدانته بقتل رئيس الوزراء اللبنانيّ الأسبق، رفيق الحريري، بحسب تعبيرها.
المصدر:شاشة نيــوز
