الرئيسيةمختاراتمقالاتتحسين ظروف تحت الحصار

تحسين ظروف تحت الحصار

بقلم: حافظ البرغوثي

بشَّر إبراهيم كمالين مستشار الرئيس التركي أهالي غزة بأنهم سيشهدون نتائج ملموسة على حياتهم بفضل الاتفاق التركي «الإسرائيلي»، وبدورهم بدأ قادة حماس يروِّجون للتطبيع التركي مع «إسرائيل» وكأنه إنجاز تاريخي، وردَّت «إسرائيل» بالقول إن التطبيع مع أنقرة لا يلغي حصار غزة.

السؤال هو من نصدِّق؟ على أرض الواقع تحاول أنقرة تحسين صورة الاتفاق وكأنه البلسم الشافي الذي سيحل مشاكل غزة في الكهرباء والماء، وسارعت إلى إرسال سفينة معونات من الأغذية كدفعة أولى على طريق تحسين مستوى المعيشة. لكن المساعدات التي تصل تتولَّى حماس توزيعها أو بيعها في متاجرها الكبيرة التي فتحتها في غزة. فالمساعدات عملياً موجهة إلى حركة حماس وأنصارها وليس إلى غيرهم ولن تصل إلى الشرائح المحتاجة.

عودة إلى الوراء عندما قرر ارييل شارون الانسحاب أحادياً من غزة، فقد قال إنه يريد تصدير غزة ومشاكلها إلى مصر لاحقاً وينفض يده من غزة. وبعدها شكل «حزب كديما» لتنفيذ انسحاب من المنطقة المصنفة (أ) في الضفة وتساوي 39 بالمئة من مساحة الضفة وتصديرها إلى الأردن وإنهاء علاقة «إسرائيل» مع اللاجئين وجعلهم قضية عربية لا علاقة ل «إسرائيل» بها. لكن تصدير غزة توقف بعد انقلاب حماس وعندما اجتاحت جماهير غزة الحدود مع مصر قالت المخابرات «الإسرائيلية» إنهم يطبقون بأنفسهم الفصل النهائي عن «إسرائيل» وستتولى مصر مشاكل غزة من ماء وكهرباء وحركة نقل بدلاً منها، لكن نظام حسني مبارك لم يمنح هذا المخطط الحياة وإن حاولت حماس إبان حكم محمد مرسي تنفيذه على شكل اقتراح بإقامة منطقة حرة تمتد حتى العريش تمهيداً لدولة غزة العريش برعاية جماعة الإخوان، لكن هذا المخطط سقط أيضاً فيما أعادت تركيا إحياءه ونصَّبت نفسها وصية على حركة حماس في غزة وستتولى شؤونه الاقتصادية وما يتعلق بالبنية التحتية ما يعني أن التباين السياسي بين حماس والسلطة لم يعد موجوداً طالما ارتضت حماس قيام تركيا بدور وكيلها لدى «إسرائيل». لكن التباين هو فيمن يحكم غزة، ولهذا تحاول تركيا الإبقاء على بقايا المشروع الإخواني في المنطقة بدعم سلطة حماس في غزة وإن تخلت عن شعار المقاومة لأنها ستهجر هذا الشعار طالما استسلمت للوصاية التركية التي يهمها الآن التهدئة بل التحالف مع «إسرائيل» بالمطلق.

لنتخيل مثلاً أنه جرى الاتفاق على تنفيذ المصالحة الفلسطينية بنداً بنداً سنجد أن الحصار سيلغى بسرعة لا يتصورها أحد، فالمعابر ستفتح خاصة معبر رفح إذا تسلمته حكومة الوحدة الموعودة وفقاً للمصالحة، وسيتم ضم بضعة آلاف من موظفي حماس إلى كادر السلطة وسيتم تنفيذ «المشروع الايرو متوسطي» بإنشاء محطة تحلية للمياه بتكلفة 500 مليون يورو. وسيتم إنهاء ملفات الثأر والقتل بدفع الدية في إطار المصالحة المجتمعية، وستستعيد غزة نشاطها الاقتصادي والزراعي وتتحسن علاقاتها مع مصر التي تشترط أن تتولى حكومة وحدة وطنية زمام الأمور في غزة، وأن تسلم حركة حماس بعض المطلوبين الفارين المتهمين بالقتل في مصر.

معادلة المصالحة هي الكفيلة بإنقاذ غزة وإعطاء زخم سياسي للقضية الفلسطينية بإنهاء الانقسام. فالقضية الفلسطينية الآن تمر بمرحلة هي الأسوأ في تاريخها. حيث تجري عملية تصفية مبرمجة لها في ظلال الوضع العربي المتردي والانقسام الفلسطيني وتدهور الوضع المعيشي في غزة وتداعياته على الضفة التي تشهد ركوداً وفوضى باتت تهدد بالتحول إلى فلتان.

هناك دعوة قطرية جديدة لوفدي فتح وحماس لمواصلة الحوار لتنفيذ المصالحة في الدوحة لكن على ما يبدو فإن قيادة حماس في الخارج لا تملك القدرة على تنفيذ المصالحة إلا بشرط قيادة حماس في غزة التي تبدو وكأنها سئمت من القيادة في الدوحة وتريد الفكاك منها لتتولى هي زمام الأمر في إطار انتخاب قيادة لمجلس الشورى والمجلس التنفيذي والمكتب السياسي، بمعنى آخر أن المصالحة باتت أبعد ما يكون بعد الاتفاق التركي – «الإسرائيلي» لأن تركيا ستحاول بمساعدة من «إسرائيل» تحسين ظروف المعيشة تحت الحصار مثلما فعل اتفاق أوسلو على تحسين مستوى المعيشة تحت الاحتلال دون نتائج سياسية تفضي إلى إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.

hafezbargo@hotmail.com

المادة السابقة
المقالة القادمة
أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا