الرئيسيةمتفرقاتالموقفالفكر السياسي الفتحاوي : الشهيد هاني الحسن* أنموذجاً : بين فكر “بيريز”...

الفكر السياسي الفتحاوي : الشهيد هاني الحسن* أنموذجاً : بين فكر “بيريز” و”نتنياهو”

إن المطلوب هو اسقاط نظريات نتنياهو للسلام . فقوله إن السلام هو الأمن لا يقود إلا للحرب ، والفرق بين “شمعون بيريز” و”بنيامين نتنياهو” أن بيريز أدرك حقيقة وطبيعة العلاقات الجديدة في المنطقة والادوار الجديدة لكل من “اسرائيل” ومصر والاردن.فالمنطقة هنا يجب أن يتحدد من يحفظ الأمن فيها، وأميركا تريد القدوم والسيطرة على المنطقة ولم تكتفِ بدورها في الخليج.وقدوم اميركا يضعف الدور الاسرائيلي باعتبار اسرائيل وكيلا لأميركا هنا، ولا بد لها من حل القضية الفلسطينية لان بقاءها دون حل يبقي الصراع متأججاً.
لذلك عندما زار جورج بوش المنطقة في المرة اليتيمة والتقى شامير في العام 1989قال له: “يجب أن تعلم أنه في السنة المقبلة سنضع حلا للفلسطينيين لأنني لا أريد مزيدا من الحرائق في البيت الأمريكي”، كان ذلك قبل حرب الخليج الثانية التي كان مقدراً لها أن تنشب في جميع الأحوال.وبالتالي فإن سقوط الاتحاد السوفييتي وديون أوروبا جعلت بيريز يدرك الحقائق جيدا، وديون أوروبا كثيرة، ففرنسا مثلاً أوقفت 50% من الضمانات الاجتماعية، وتجري استفتاء اليوم حول هذا الموضوع. وفي المانيا يتناوب شغيلة “الفولكسفاجن” العمل في المصانع، وإلا فقد الكثيرون منهم عملهم وزادت نسبة البطالة.
اما “اسرائيل “فثلث ميزانيتها سداد ديون وفوائد، وثلث تصرفه على الأمن والدفاع، والثلث الثالث يأتيها من الخارج، ولولا ذلك لتوقفت قدرتها على التطوير، لذلك اشترطت مقابل مشاركتها في مؤتمر مدريد استمرار الدفع لها، وبيريز كان يريد أن يحول اسرائيل من اسرائيل الكبرى جغرافيا إلى اسرائيل العظمى اقتصاديا فاخترع “الشرق أوسطية”.لكن السؤال المطروح في إطار الشرق أوسطية الاقتصادية هو كيف سيكون شكل الأمن؟ الأمن الذي يريدونه هو أمن تشترك في نسيج حلقاته اسرائيل وتركيا وأمريكا.
لقد أدركنا ذلك في مؤتمر الدار البيضاء الاقتصادي الذي ضم دول الشرق الاوسط. حيث في هذا المؤتمر فوجئ ممثلو الدول بدعوة توجه لهم لحضور اجتماع لبحث الأمن الاقليمي، وكان الموقعون عليها وزراء خارجية اميركا، تركيا واسرائيل، فثار العرب ورفضوا الذهاب للاجتماع، وصعد عمرو موسى على المنصة وأخذ يتحدث عن السلام النووي مما أدى إلى توتر الأجواء وتأجيل الاجتماع.لقد نجح بيريز إلى حد ما في أن يضع اساساً للانفتاح الاقتصادي، مع ان الاقتصاد الاسرائيلي في فترة ما بعد السبعينات ارتفعت نسبته إلى فوق الصفر في حين بعد اتفاق أوسلو أصبحت نسبته ما بين 6% إلى 7% نتيجة انفتاح سوق الصين والهند أمامه.لكن نتنياهو تصرف على العكس تماما ولم يؤمن بأفكار بيريز أو مشاريعه لاعتبارات كثيرة أهمها أنه لا يريد التنازل عن الدور الأمني. فهو لا يهمه التطبيع ولا تهمه العلاقة ذات الطابع الاقتصادي مع المجموعة العربية، وجلّ هدفه أن يحقق السلام والامن مع الفلسطينيين والعرب دون مقابل.
ولهذه الأسباب يعمل نتنياهو على عقد حلف مع تركيا، وإقامة علاقات مميزة مع الأردن وقطر من أجل التغطية على هذا الحلف تمهيدا لدخول أمريكا. وأكثر ما يخيف “إسرائيل” الآن هو مصر واقتصادها الذي قفز من (28) مليار دولار الى (55) مليار دولار إضافة إلى جيشها المزود بالأسلحة الحديثة واحتياطي العملات الصعبة عندها والذي أصبح قرابة (19.5) مليار دولار.ويمثل نتنياهو المدرسة التي تعتقد بأن الانتقال إلى “الشرق أوسطية” يجعل من اسرائيل جزءاً من المنطقة، وهذا يفقدها هيمنتها وقوتها على المدى البعيد، علاوة على أن هذا الرجل – الذي يشبه (موسوليني) – يحب أن يقال عنه أنه متصلب صقر يدمن الضرب على الطاولات ليهز العالم.
وليست “اسرائيل” فوق قوانين العالم فعندها من الديون ما قيمته (27) مليار دولار تقريبا بالرغم من أن نموها يتمثل بـ(63) مليار دولار، ولكن ديونها كبيرة إذا قورنت بمعدل النمو لديها، مع التخفيف من مشاكلهم الداخلية.لهذه الاسباب جميعها نقول لا أمل في السلام مع نتنياهو، ولا سلام إلا إذا تغيرت هذه الحكومة فنحن لا نستطيع أن نأكل نواة الجوزة ما لم نكسرها، وإذا لم نكسر أفكار نتنياهو فلا يمكن إحداث التغيير.
تصورات السلام الفلسطينية
بعد كل ما سبق أقول: لا يستطيع أحد الاستهانة بنا، ومن يظن أننا لا نملك رؤى أو تصورات يخطئ خطأً فادحاً. فإذا أرادوا دولة فلسطينية ديمقراطية على كامل التراب فنحن جاهزون، وإذا ارادوها ثنائية القومية فنحن جاهزون أيضاً، وإذا طرحوا قضية الاتحاد الكونفدرالي مع الاردن فهذا مطلبنا نحن وليس مطلبهم ، فالفلسطيني والاردني متلازمان دوما وسيكون أول وحدة عربية نابعة من الرغبة والضرورة معاً.إن التوازن المستقر في المنطقة يتوقف على الوضع العربي ويأتي منه ونحن لسنا خائفين من هذا الوضع، والزيادة المتوقعتة في تعداد العرب لا تصب إلا في صالحنا نحن كعرب وفلسطينيين.
السلام ليس (طق حنك) إطلاقا، بل هو عملية تغيير تتطلب أن تتغير انت وأتغير أنا دون المساس بالهوية الحضارية.لقد سعى “بيرز” بشرق أوسطيته إلى أن يبطح العروبة وهذا ما لا يمكن أن يحدث أبدا.لقد دعيت إلى اجتماع في احدى المدن الفلسطينية فوجئت فيه بالكتاب والصحفيين الفلسطينيين يتساءلون من نحن؟ بل وصل الأمر بأحدهم إلى أن يقول لي أننا لا نملك ثقافة؟ وهذه في رأيه مشكلتنا. فقلت له: لماذا ليس عندنا ثقافة؟كرر القول من نحن؟أجبته: أننا أبناء الحضارة العربية الاسلامية سواء كنا مسيحيين أو مسلمين أو حتى يهودا كابن ميمون الذي عاش في الأندلس وألف اهم الكتب عن الحضارة العربية الاسلامية، فهو ابن الحضارة العربية رغم ديانته اليهودية.
إن “الاسرلة” لا يمكن أن تحل المشكلة لأنها غير واقعية، وغير ممكنة، ومن يعتقد أن الحل بالأسرلة فهو مخطئ تماما لأنها تمثل السلام ولا تأتي به.إن السلام هو أن نتعايش وكل منا معترف بالآخر وحضارته وسماته، ليبدأ بعدها عصر الرفاهية والتطور الاقتصادي.*
* الأخ الشهيد هاني الحسن (1939-2012) عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، مفوض العلاقات الخارجية / مستشار الرئيس الشهيد ابو عمار (ثم لاحقا مفوض التعبئة والتنظيم للحركة) ، ومن مفكري الثورة الفلسطينية الواقعيين، ويتميز بعلاقاته الدولية والعربية الواسعة ، وله العديد من الأبحاث والمقالات والكتابات والدراسات المنشورة ضمن أدبيات حركة فتح.
وانها لثورة حتى النصر –مكتب التعبئة و التنظيم – اقليم لبنان 7 -6-2018

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا