الرئيسيةمختاراتتقارير وتحقيقات"الجريمة في زمن كورونا".. انخفاض في الكم وخطورة في النوع

“الجريمة في زمن كورونا”.. انخفاض في الكم وخطورة في النوع

“1790 قضية واردة للنيابة العامة من 5 آذار إلى 4 أيار بانخفاض 76% خلال الفترة نفسها من عام 2019”

يشكل الأمن والسلامة المجتمعية قاعدة الارتكاز لصلابة المجتمع في مواجهة التحديات والكوراث، فبقدر صحة وسلامة وتماسك المجتمع تكون القدرة والمناعة المجتمعية لمواجهة الظروف والانتصار عليها، وهذا هو حال العلاقة بين مستوى معدلات الجريمة وصلابة المجتمع في هذه المرحلة، فقد أثبتت تجارب الدول في مواجهة جائحة كورونا (كوفيد-19) ان تضامن المجتمع وقوة مناعته الداخلية، وتراجع معدلات الجريمة من العناصر الرئيسية لتغلب المجتمع على تفشي الوباء، وفي هذا الاطار جاء التقرير الاحصائي الصادر عن النيابة العامة الفلسطينية حول القضايا الجزائية الواردة للنيابة العامة خلال حالة الطوارئ المعلنة في الاراضي الفلسطينية (5 آذار– 4 أيار 2020) للحد من انتشار جائحة كوفيد-19 (كورونا)، ليتضمن العديد من المؤشرات الاحصائية المهمة للتعرف على هذا الجانب خلال الأزمة بما يخدم كافة الجهات المعنية بصحة وأمن وسلامة المجتمع الفلسطيني، وليشكل كذلك تعزيزًا للعمل المهني والمؤسسي ومبدأ الشفافية بممارستها لاختصاصها وفقًا للقانون حفاظًا على سيادته وحماية للحقوق والحريات في المجتمع، وللإجابة عن تساؤلات عديدة فيما يخص حجم الجريمة في المجتمع الفلسطيني خلال فترة الجائحة وبعد فك الحجر الاحترازي، وكيف أطلقت مواقع التواصل الاجتماعي وفي مقدمتها “الفيس بوك” شرارة أغلبية الجرائم التي تقع في المجتمع الفلسطيني، إضافة الى التحليل الاجتماعي والسيكولوجي لحدوث الأعمال العدوانية التي غالبًا ما تؤدي الى ارتكاب جرائم قتل، للإجابة عن هذه التساؤلات وغيرها كان لـ “الحياة الجديدة” هذه القراءة التحليلية من خلال التقرير التالي:

دليل خاص لحماية حقوق الإنسان والحريات خلال فترة الطوارئ
يقول علاء عواد، رئيس النيابة العامة: “بلغ عدد القضايا الواردة للنيابة العامة خلال الفترة الواقعة بين (5 آذار– 4 أيار من عام 2020) 1790 قضية مقارنة بنحو 7365 قضية أي بنسبة انخفاض وصلت الى 76% خلال الفترة نفسها من عام 2019″، ويتابع: “تمت إحالة ما نسبته 57% من القضايا الواردة لعام 2020 لمحاكم الصلح والبداية بواقع 1012 قضية لاتخاذ الاجراءات اللازمة، مقارنة بإحالة ما نسبته 84% منها للمحاكم خلال الفترة ذاتها من عام 2019.”
ويضيف عواد: “بلغت نسبة الجرائم المرتكبة خلافًا لأحكام قرار بقانون بشأن حالة الطوارئ والقوانين ذات العلاقة 29% من إجمالي القضايا الواردة للنيابة العامة خلال فترة الطوارئ بواقع 523 قضية، كما شكلت القضايا الاقتصادية ما نسبته 32% منها، حيث تركزت حول جريمة تخزين سلع غذائية وغير غذائية وإدخال بضائع مخالفة للقانون، فيما بلغ عدد القضايا الواردة بتهمة اختلاق الأخبار بقصد إثارة الفزع 16 قضية بنسبة 1% من إجمالي القضايا الواردة التي سجلت خلال الفترة الأولى من حالة الطوارئ”.
ويؤكد عواد أن “أشد الجرائم خطورة هي تلك المتعلقة بقضايا القتل، حيث تم تسجيل 12 قضية قتل وهذه من المؤشرات المهمة خلال فترة إعداد البيانات، كما بلغ عدد قضايا السرقة نحو 221 قضية، وفيما يتعلق بقضايا تجارة المخدرات فقد ورد للنيابة العامة 19 قضية و126 قضية حيازة وتعاطي مخدرات”.
ويتابع: “على مستوى تصنيف تلك القضايا الجزائية الواردة حسب النوع، فقد شكلت الجنايات ما نسبته 9% من مجموع القضايا الجزائية الواردة، فيما بلغت نسبة الجنح نحو 81%، والمخالفات بنسبة 7% والعوارض بنسبة 3%، كما بلغ عدد الموقوفين على ذمة الملفات التحقيقية المحالة 708 موقوفين، بنسبة انخفاض بلغت 64% خلال الفترة الواقعة ما بين (5 نيسان الى 4 أيار) مقارنة بالشهر الأول من حالة الطوارئ المعلنة في الاراضي الفلسطينية”.
“وعلى مستوى توزيع القضايا المتخصصة الواردة لمكتب النائب العام التي بلغ عددها 378 قضية، فقد توزعت على النيابات المتخصصة بواقع: 44% لنيابة مكافحة الجرائم الاقتصادية، و30% لنيابة حماية الأحداث، و15% لنيابة مكافحة الجرائم الالكترونية، فيما بلغ عدد القضايا الواردة لنيابة حماية الأسرة من العنف نحو 10% من إجمالي عدد القضايا المتخصصة الواردة للنيابة العام”، يقول عواد.
في السياق، يؤكد عواد: “أن النائب العام وفي هذا الاطار أصدر في الرابع من نيسان 2020 تعليمات خاصة لأعضاء النيابة العامة تقضي باعتماد دليل خاص بضمان احترام وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية وسط حالة الطوارئ خاصة في مراكز التوقيف والسجون، ضمن مذكرة مشتركة من مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان والهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، والنيابة العامة ووزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين النظاميين الفلسطينيين”.

الفضاء الافتراضي الأزرق.. في قفص الاتهام
“هناك بعض الجرائم والخلافات التي بدأت شرارتها من نقاش أو تغريدة أو منشور عبر الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، حيث يحتد النقاش بين الافراد حول منشور معين قد يتم نشره من خلال حساب وهمي، يغذي النقاش بشكل كبير يصل الى حد الاحتدام افتراضيًّا، ونقل ذلك الى العراك في الشارع وفد يتطور الوضع الى شجار كبير تشترك فيه العائلة والحمولة ما قد ينتج عنه جرائم قتل أو ضرر كبير بالأطراف المشاركة في الشجار” هذا ما أكد عليه العقيد لؤي ارزيقات المتحدث باسم الشرطة الفلسطينية.
ويتابع ارزيقات: “في السنوات السابقة كنا نقوم بتحليل وضع الشجارات وأسبابها ونتوصل الى أنها بدأت بخلافات بسيطة على قضايا عادية مثل خلاف على حدود قطعة أرض أو خلافات مالية أو خلافات بين أطفال، أو حتى على وقفة مركبة، حيث يتطور الخلاف ليصل الى ارتكاب جريمة قتل. وتطورت الامور لتصبح الشجارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة ما ينشر على صفحات الفضاء الافتراضي الأزرق |(الفيس بوك)”.
وعن أبرز العقبات التي تواجه الشرطة الفلسطينية في السيطرة على ما يتم من جرائم ومشاكل في المجتمع وخاصة في مرحلة انتشار فيروس “كورونا” يوضح ارزيقات “العقبات التي تواجهنا كشرطة فلسطينية في عملية السيطرة على ما يتم من جرائم ومشاكل في المجتمع موجودة منذ زمن بعيد بشكل عام سواء في زمن “كورونا” أو ما قبله، فمثلاً المناطق المصنفة (C) كان يتم منع عمل الأجهزة الأمنية الفلسطينية فيها كما يمنع عليها التواجد فيها بشكل دائم، وكانت سلطات الاحتلال تعمل على عرقلة وصول الأجهزة الامنية اليها بسرعة في حال وقوع مشكلة داخل حدود هذه المنطقة ما يؤدي الى تفاقم الأحداث فيها ، وبالتالي وقوع جرائم في هذا الحيز المكاني، اضافة الى نقص الكادر البشري وتقسيمات المناطق كانت كلها من المعيقات أمام الشرطة والأجهزة الأمنية في عملية فرض السيادة الفلسطينية، وتنفيذ المهام المطلوبة ومنع وقوع الجريمة، وكان يتم التغلب عليها بكل الطرق والوسائل المتاحة من خلال إيجاد أدوات اجتماعية بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المحلي ولجان التنظيم والبلديات وأفراد المجتمع من وجهاء العشائر، بهدف الوصول الى هذه المناطق قدر الامكان”.
ويقول ارزيقات: “خلال فترة الجائحة كان هناك تراجع ملحوظ في كل أنواع الجرائم ومنها جرائم العنف الأسري بأنواعها، كما تراجعت نسبة الانتحار من 10 حالات العام الماضي في الفترة نفسها الى 4 حالات في الربع الاول من هذا العام، 2 منها كانت في مرحلة الطوارئ، كما كانت جرائم القتل بنفس المستوى مقارنة بالعام الماضي في الفترة نفسها، اضافة الى تراجع نسبة الجرائم الالكترونية، حيث تراجعت من 850 جريمة في الربع الاول الى 680 جريمة في حالة الطوارئ، ما يظهر ان كل الجرائم كانت في تراجع خلال فترة “كورونا”، والتفسير هو انشغال المجتمع بالوضع الصحي في ظل الجائحة، والحجر الذي جعل الافراد والعائلات يلتزمون منازلهم، وكنا حريصين على استقبال الشكاوى الكترونيا وحاولنا التخفيف عن المواطنين، ووضحنا أنه من الممكن متابعة الموقع الالكتروني للشرطة الى جانب صفحاتنا على مواقع التواصل الاجتماعي لتقديم أية شكاوى والاجابة على أية استفسارات من قبل المواطنين، وقد تكون هناك قضايا قليلة لم تصل لينا، بحكم امكانية المواطنين ايصال شكاواهم الينا إلكترونيا”.

المرأة الحلقة الأضعف في زمن الجائحة
وبهدف تقديم تفسير اجتماعي لحالات العنف والقتل والاعتداءات التي ظهرت خلال الجائحة وتحديدا بعد رفع الحجر، تقول الدكتورة نبال خليل/ مختصة في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية، “في البداية أشير الى أن حالات الاعتداء ناتجة عن السلوك العدواني لدى المعتدي، والسلوك العدواني هو من الظواهر المجتمعية الموجودة في كافة المجتمعات على الرغم من تفاوت النسب فيها، وهذه الظاهرة تنتج عنها لاحقًا الجرائم المتعددة في المجتمع، بعض الاعتداءات وقعت خلال جائحة “الكورونا”، وخاصة ما بعد تقييد الحركة والمكوث المنزلي لفترة طويلة، وبعضها بسبب المتغيرات التي أدت الى فرض ظروف اقتصادية صعبة في المقام الأول، وحسب اعتقادي فمع جائحة “الكورونا” والضرر العام القائم على اتساع دائرة الفقر وازدياد عدد العاطلين عن العمل، أدى لاحقًا الى انفجار نفسي يتمثل في سلوك عدواني وحالات اعتداء ووقوع الجرائم”.
وعن ارتفاع نسبة الاعتداءات التي تعرضت لها المرأة داخل الأسرة خلال الجائحة، تؤكد د. خليل: “تزايد حالات العنف ضد المرأة في جائحة “كورونا” كان متوقعًا لعدة أسباب منها: وجود المرأة وهي المخلوق الأضعف في الأسرة على مدار الساعة ووجها لوجه للتعايش القسري في خضم العزل المنزلي مع الذكور من الأسرة الواحدة ( زوج، أخ، أب،.. الخ)، بالتالي ونتيجة هذا الظرف القسري المؤثر في الدرجة الأولى على الظرف الاقتصادي وزيادة صعوبته، ومنع التجول، والعزل المنزلي ستكون هناك انفجارات وتوترات نفسية خصوصا للذكور في الأسرة ما ينعكس على المرأة بعنف لفظي، أو سلوكي أو اعتداء بالضرب أو حتى اعتداءات جنسية، حيث شهدت فلسطين خلال فترة الحجر ثلاث حالات قتل لنساء، وهذا يعد مؤشرًا خطيرًا على ازدياد ظاهرة العنف ضد المرأة”.
وتضيف د. خليل: “ورغم ما جاء في تقرير النيابة العامة والشرطة، الذي أظهر أن هناك تراجعًا في حالات العنف الأسري مقارنة بالأعوام السابقة، الا أنه وباعتقادي لم تتمكن معظم النساء المعتدى عليهن من تقديم بلاغات ضد المعتدي وبالتالي ليس بالضرورة أن يكون هناك تراجع بل هناك حالات كثيرة لم تستطع المرأة الوصول فيها لمراكز الأمن للتبليغ عنها، وبالتالي كان من الصعب حصر الحالات التي تعرضت للاعتداء”.
وعن أبرز الدوافع الاجتماعية لارتكاب الجرائم خلال جائحة “كورونا”، توضح د. خليل ” في معظم حالات الجريمة تكون هناك عدة دوافع مجتمعة لارتكاب الجرم، ولكن في حالة خصوصية جائحة “كورونا” فان العامل الأبرز هو العامل الاقتصادي، الذي يتمثل في ازدياد كبير في حالات البطالة وازدياد محيط دائرة الفقر، ما يدفع بعض أفراد المجتمع القيام بالجريمة لتحصيل أموال بطريقة غير شرعية، الى جانب غياب الوازع الديني وهو أحد مسببات ارتكاب الجرم، وبالتالي فإن المطلوب اتخاذه في فلسطين لأجل الحد من العنف الأسري والجريمة هو تطبيق القانون والعقاب في كافة حالات الاعتداء و الجريمة وعدم إسقاط الحق العام في جرائم القتل، كما علمنا أن الشرطة نظمت حملات توعوية سابقة عن مدى عواقب اختراق القانون، ومن المهم تفعيل هذه الحملات في الوقت الحالي على مستوى الوطن لتوعية المجتمع بما سيؤول اليه الحال في حالة ارتكاب جرائم، إضافة إلى تفعيل دور التنظيمات العشائرية في المناطق (C) التي لا تستطيع الشرطة والاجهزة الامنية الوصول اليها دائما”.

أزمة “كورونا”.. القشة التي قصمت ظهر البعير
رغم انخفاض معدل الجريمة بأنواعها داخل المجتمع الفلسطيني خلال فترة الحجر بسبب فيروس “كورونا” وفق المصادر الرسمية، إلا أنه وبعد انتهاء حالة الطوارئ وعودة الحياة تدريجيا لطبيعتها، لوحظ ظهور جرائم قتل واعتداءات راح ضحيتها أفراد من المجتمع، وعليه هل يمكن القول إن فيروس كورونا وما سببه من ضغوط اجتماعية واقتصادية ونفسية خلال فترة الحجر كان السبب الرئيسي في تأجيج الوضع المجتمعي وحدوث حالات القتل والاعتداءات، هنا وفي رأي منفصل تقول الدكتورة أريج عياش/ مختصة في الإرشاد والعلاج النفسي: “لا يمكن القول إن فيروس “كورونا” والحجر الصحي والضغوطات النفسية والاقتصادية التي أنتجتها الأزمة وحدها المسؤولة عن تفاقم ظاهرة العنف في المجتمع الفلسطيني خلال فترة الجائحة أو قبلها، وان كنا نقول إنها ربما كانت القشة التي قصمت ظهر البعير أو أن الازمة أوجدت الفرص المواتية لحدوث هذه الجرائم، فالعنف بشكل فردي هو سلوك مكتسب وحجر الاساس له هو التنشئة الاسرية غير السوية منذ الطفولة، الى جانب تأثير المجتمع على الفرد وتعزيزه لبعض استجابات العنف التي يمارسها الفرد تجاه الآخرين أو تجاه ذاته أو الممتلكات، وبالنسبة لمجتمعنا أسباب العنف فيه كثيرة، ومنها أولا التغير الذي طرأ على طريقة تفكير الناس والاتجاه الى الذاتية الفردية أكثر، على حساب الانتماء الوطني والذات الجمعية، وتغير في القيم الاخلاقية والاجتماعية، فالمعتقدات الفكرية للإنسان هي الاساس لسلوكه، وكذلك المعتقدات الاجتماعية التي تشكل مع الوقت جزءًا من الثقافة الاجتماعية، وكذلك الفقر والبطالة وعدم تساوي الفرص في حصول الشباب على عمل التي تفاقمت بشكل كبير في مرحلة الأزمة وحالة الطوارئ التي شهدتها البلاد، كل هذه الأسباب ونضيف عليها حالة التوتر والقلق والخوف من الإصابة بالفيروس هذا العدو الآخر الذي يحيطه الغموض الذي بات يشكل تهديدًا للمواطن وعائلته، إضافة الى العدو الرئيسي في بلد ترزح تحت وطأة الاحتلال الذي يضيق بإجراءاته كل يوم ويهدد بمزيد من الضم للأراضي الفلسطينية، كل هذه الاسباب وأخرى ساهمت وتساهم في تفاقم وظهور العنف في مجتمعنا الفلسطيني في الفترة الأخيرة”.
وعن التفسير السيكولوجي لما يحدث من عنف في الفترة الراهنة تقول د. عياش كما ذكرنا فالعنف سلوك مكتسب يحتاج لمثير (أي توفر ظروف لإثارته) لينتج بشكل استجابة اذا تم تعزيزها تتحول الى سلوك ومن ثم عادة وقد يكون المعزز هو شعور زائف مؤقت بالارتياح من قبل مرتكب الجريمة، أو بإفلاته من العقاب أو توجيه العقوبات الخفيفة له، والعنف مثله مثل أي سلوك آخر غير سوي مرتبط بفكرة لاعقلانية، كأن تكون “علي أن أخذ حقي بيدي”، “اذا لم أكن ذئبًا ستأكلني الذئاب”، “لن أنتظر القانون ليأخذ لي حقي”، من هذه الأفكار اللاعقلانية يولد سلوك العنف الذي يعزز فيتحول الى عادة”.
وعن رأي د. عياش حول دور مواقع التواصل الاجتماعي وما ينشر عليها من معلومات أو أخبار مغلوطة، أو قيام بعض الأفراد بنشر “بوستات” قد تتضمن اهانة أو سبا أو شتما للآخرين، توضح د. عياش “نعم تلعب وسائل التواصل الاجتماعي دورًا مؤثرًا ودافعًا للعنف عندما تستخدم للتحريض وصنع الأفكار واللعب على الأذهان، وهذا ما اختبرناه في الكثير من الأحداث والجرائم في العالم، والتطورات الهائلة التي تحدث في هذا الفضاء التكنولوجي، فهناك دراسات تشير الى امكانية التحريض فقط باستخدام بعض المؤثرات الصوتية التي تعرض بشكل فيديوهات على هذه المواقع وكذلك ادمان الالعاب الالكترونية التي تدفع للعنف واعتياده وتحديدًا من قبل المراهقين، وما تصنعه هذه المواقع من إثارة للشائعات، التي تحمل معلومات غير صحيحة تؤجج مشاعر المواطنين وتنشر الكراهية”.
وعن العوامل أو الحلول التي قد تساعد على ضبط هذا الوضع وعدم تفاقمه، توضح د. عياش: العنف غير مبرر بأي شكل من الأشكال، وإنما نحن نقوم بتحليل سلوك العنف وليس بمحاولة لتبريره فارتكاب العنف بحق الآخرين أو بحق الذات لا مبرر عقلانيا سويا له، وكل الضغوطات التي تحدثنا عنها وقد تكون سببًا للعنف يمكن ايجاد الحلول لإدارتها على مستوى الفرد النفسي وايجاد حلول للمشكلات، وان دائرة العنف مستمرة وهي لا تتوقف بالفعل العنيف نفسه بل تستمر “لولد الولد” وللأجيال المتعاقبة وخصوصا العنف الذي يولد سفك الدماء فهو سيعود بالإيذاء على مرتكب الجرم نفسه وعائلته والأهم مجتمعه الذي يرزخ تحت وطأة الاحتلال الذي يسعى بالأساس لتخريبه”.
وتضيف: “المسؤولية لضبط الوضع وعدم تفاقمه تقع على عاتق الجميع، مؤسسات حكومية وأهلية ونقابات وأخصائيين نفسيين، والفرد نفسه، فمن الضروري تعزيز دور الاسرة وتوعيتها بأساليب التنشئة السوية وكذلك الاهتمام بالمناهج الدراسية وادراج المواد التي تظهر أضرار العنف على الفرد والتعريف بدائرة العنف وتعزيز المفاهيم الاخلاقية، وكذلك فهم الضغوط النفسية والاقتصادية التي يمر بها المواطن والعمل على التخفيف منها وخلق فرص عمل متساوية للشباب، وتفعيل العقوبات الرادعة للجرائم واصلاح الجهاز القضائي والعدلي وتطوير القوانين واعداد البرامج النفسية من قبل الاخصائيين النفسيين التي تعمل على ادارة الضغط النفسي والسيطرة على الغضب وأساليب التواصل السوية مع الاخرين”.

الحياة الجديدة- عبير البرغوثي

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا