الرئيسيةأخباراسرائيليةغليان في غزة والقدس والضفة، وإيران تندفع نحو القنبلة: إسرائيل مشغولة بـ"الثورة...

غليان في غزة والقدس والضفة، وإيران تندفع نحو القنبلة: إسرائيل مشغولة بـ”الثورة القضائية” !

بقلم: تل ليف رام

يؤشر تبادل الضربات، الذي بدأ، أول من أمس، بين “حماس” والجيش الإسرائيلي، إلى أن ثمة ميل تصعيد واضحاً في قطاع غزة، من الصعب جداً في الواقع الحالي كبحه. في الجيش الإسرائيلي لا يزالون يعتقدون بان “حماس” غير معنية بحرب، ولعل هذا صحيح، لكنها بلا شك توتّر المعادلات مع إسرائيل. معطيات النار من القطاع تتحدث عن تغيير مهم في سياسة “حماس”، حيث تعطي على الأقل ضوءاً أخضر لمنظمات “الإرهاب” الأخرى لتنفيذ نار الصواريخ، وذلك كجزء من محاولة تثبيت معادلة جديدة بموجبها يكون هناك رد على أحداث شاذة في الضفة بنار من القطاع، بهدف تهديد حرية عمل الجيش الإسرائيلي في الضفة، وفي شرقي القدس، وفي الحرم. لا تستطيع “حماس” ولا تريد مواصلة البقاء على الجدار، والمؤشرات الأولية إلى ذلك باتت هنا.
في شهر واحد فقط، ابتداء من نهاية كانون الثاني أُطلق من القطاع اكثر من 40 صاروخاً، وصواريخ مضادة للطائرات. نمط حياة صافرات الإنذار عاد الى الغلاف بعد فترة طويلة من الهدوء النسبي، حيث مرت في أثنائه اشهر بين حدث ناري وآخر.
في الايام القريبة القادمة سيحاول المصريون مرة اخرى تهدئة الخواطر. لكن تجربة الماضي تفيد بأنه بعد حملة أدت الى فترة معينة من الهدوء، فان استئناف تنقيط الصواريخ يؤدي الى طوفان يؤدي بدوره الى جولة مناوشة مهمة أو حملة اخرى.
في الأيام العادية، فان الأنباء الفضائحية التي تفيد بأن مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وجدوا في ايران يورانيوم مخصباً الى مستوى 84 في المئة كان يفترض أن تكون في بؤرة جدول أعمال حكومة إسرائيل. لكن هذه ليست أياما عادية. والأمور صحيحة ايضا بالنسبة لبيان مجلس الأمن في الأمم المتحدة الذي شجب شرعنة البؤر الاستيطانية في الضفة.
إن الصراع ضد النووي في ايران، والذي كان في الماضي في مركز رؤيا رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، دحر الى الهوامش. أما الثورة القضائية، وجدول الاعمال السياسي الداخلي، ومعارك الصلاحيات داخل الحكومة، والازمة الاقتصادية التي على الابواب، والساحة الفلسطينية المشتعلة في شرقي القدس والضفة، والرياح الباردة جداً من واشنطن فلا تسمح لرئيس الوزراء ان يركز على رؤياه لكبح البرنامج النووي.
كمشارك في السيرك يحتاج الآن الى عدد كبير جدا من الكرات. بين أزمة وأزمة نجد ان رئيس الوزراء مقيد. إسرائيل غير قادرة الآن على ان تركز على المستوى السياسي مع دول العالم في ادارة حملة ناجعة تجاه إيران، التي تواصل استغلال الحرب في أوكرانيا والغياب الفعلي لاتفاق نووي لغرض التقدم غير المسبوق من ناحيتها في الطريق الى القنبلة النووية.
ان دولة تعرّف السلاح النووي في ايران كتهديد وجودي كان يفترض بها أن ترفع الموضوع الى رأس سلم أولوياتها، في الخطاب الدبلوماسي، وفي المداولات بين المستوى المهني والسياسي وغيرها.
في إسرائيل ركزوا في هذا الاسبوع على أقوال السفير الأميركي في إسرائيل، توماس نايدز، الذي قال في مقابلة مع الـ “سي.ان.ان” ان الإدارة الأميركية أوصت نتنياهو بالدوس على الفرامل في كل ما يتعلق بالإصلاح القضائي. وكان يفترض بنايدز هو الآخر ان يفهم بأن في هذا التعبير الدبلوماسي من الفظاظة ما يفسر كمحاولة تدخل مباشر في سياقات إسرائيلية داخلية. وقد أوضح اقواله لاحقاً وخفف حدتها.
لكن أكثر من الكوابح يدور الحديث عملياً عن رسالة مباشرة من إدارة بايدن. “يقول رئيس الوزراء لنا انه يريد القيام بأمور كبرى، مثل إيران، التهديد الكبير على إسرائيل، وعلى الشرق الأوسط والولايات المتحدة، وتوسيع اتفاقات إبراهيم مع السعودية”، قال نايدز. “لدينا أمور كثيرة نعمل عليها معا وقلت لرئيس الوزراء مئة مرة بأننا لا يمكننا ان نعمل معا اذا كانت ساحتكم الخلفية تحترق”.
بين الإمكانيتين اللتين تفهمان في سياق إيجاد المادة المشعة في ايران في مستوى 84 في المئة، في جهاز الأمن يميلون الى التقدير بأن هذه اشارة مقصودة من الايرانيين، الذين يفحصون ردود الفعل الواهنة في العالم. ثمة بازار فارسي على افضل ما يكون يفحص المنطقة قبيل قرار محتمل لم يتخذ بعد في ايران، بتخصيب المادة المشعة الى مستوى 90 في المئة المطلوب للقنبلة النووية. نافذة الفرص آخذة في الضيق وهي لم تكن أقرب ابداً.
الآن، نجد أن إسرائيل مطالبة بأن تنظر الى الأمام وتتذكر بانها ليست اللاعب المركزي في إدارة الإزمة وهي بحاجة الى الأميركيين. يفهم نتنياهو هذا جيداً، مثلما يمكن أن نفهم من نشر القرار المتعلق بتجميد شرعنة مزيد من البؤر الاستيطانية في الضفة في هذه المرحلة.
بين الجيش الإسرائيلي والأميركي يوجد في الأشهر الأخيرة تعاون جيد جدا. لكن التعاون مطلوب ايضا في المستوى السياسي، ولهذا فان ليوآف غالنت، وزير الدفاع، دورا مهما جدا مع الإدارة التي تعرب بشكل علني بان عدم رضاها من السياسة الإسرائيلية، سواء في مسائل تتعلق بالنظام الديمقراطي عندنا أم بالنسبة للمواجهة مع الفلسطينيين. الإشارات الأخيرة من الأميركيين ينبغي أن تقلق جدا رئيس الوزراء وكل هذا بينما المسألة الايرانية تشتعل حقا.

انتفاضة ثالثة

نتنياهو على مفترق قرار مهم بالنسبة لسياسته نفسه. يدور الحديث عن خليط من الاشارات الأميركية عن امكانية الابتعاد عن إسرائيل، وتوتر امني متصاعد في الساحة الفلسطينية واساسا ازمة عميقة في المجتمع الإسرائيلي. ازمة تهدد تفكيك الاجماع الضروري لخدمة مشتركة في الجيش، وتثقل على تضامن معظم الجماعات السكانية المختلفة في وقت القتال.
لا غرو أن امين عام “حزب الله”، حسن نصرالله، الذي هو أحد المسؤولين البارزين عن وضع لبنان البشع، ينقض على الازمة في إسرائيل ويعيد إحياء نظرية بيت العنكبوت عن المجتمع الإسرائيلي. نحن انفسنا نوفر له البضاعة. فمن أسبوع لأسبوع تزداد الأزمات خطورة ويتفاقم الاستقطاب في صفوف الشعب. يمكن للمرء أن يكون مع الإصلاح القضائي ولا يزال يسأل اذا كان هذا هو الطريق وهذا هو الوقت لتنفيذه في ضوء موجات الصدى الكثيرة التي يخلقها داخل إسرائيل وخارجها. من المسموح السؤال كيف يخدم السلوك الحكومي في الشهرين الأخيرين التحدي الأمني السياسي الأكبر الذي كان لإسرائيل في العقود الأخيرة بسبب التهديد النووي المتعاظم مع ايران.
يمكن ان نسأل كيف يحصل في نقطة زمنية حرجة حيث يدحر الموضوع الإيراني في الزاوية، وتحتل المنصة الثورة القضائية كتحدٍ أهم لحكومة إسرائيل الجديدة – قبل التصعيد في الساحة الفلسطينية في الأشهر الأخيرة، وقبل تحديات الحوكمة الداخلية والأمن الشخصي، بل قبل التهديدات من إيران. لعل هناك من يؤمن بان الثورة القضائية حين تأتي ستجلب الخلاص للجميع. اذ ان مصدر كل المشاكل هو المهنيون الذين يتدخلون ويعرقلون منذ سنين على نتنياهو أداء مهامه.
إلى جانب كل هذا تواصل الساحة الفلسطينية الاحتدام والتصعيد. يوم المعركة في نابلس، الأربعاء الماضي، حجم القتلى العالي من الفلسطينيين، وكمية النار التي أُطلقت نحو القوات، تمثل دليلا الى اي حد الوضع متفجر وسيبقى متوترا جدا بينما يقدر الجيش الإسرائيلي بان منظمات “الإرهاب” ستحاول تنفيذ عمليات ثأر.
في المسألة الفلسطينية من الواضح أن نتنياهو وغالنت يسعيان لاتخاذ خط براغماتي. للحفاظ بشكل غير مباشر على العلاقات مع رئيس السلطة أبو مازن والامتناع لاحقا عن خطوات من طرف واحد. يفهم نتنياهو جيدا بأن مجال مرونته مع الأميركيين ضيق اكثر من وعوده الائتلافية، ومن هنا ايضا تنبع التوترات والفجوات الكبرى داخل حكومة اليمين.
لا حاجة لتصنيف الأشهر الأخيرة كانتفاضة ثالثة كي نقرر بانه منذ نهاية الانتفاضة الثانية فان هذا هو التصعيد الأخطر، وكل أضواء التحذير تشتعل بالأحمر. نحو 60 قتيلا فلسطينيا معظمهم مسلحون، قتلوا منذ بداية السنة. هذه أعداد غير مسبوقة حتى بالنسبة للسنة الماضية.

عن “معاريف”

أخبار ذات علاقة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

أهم الأخبار

اخترنا لكم

المكتب الإعلامي الفلسطيني في أوروبا